{خَلَتْ}: مضت .
{مَتَابِ}: اسم مصدر من تاب .
ثقة الداعية بالله
{كَذَلِكَ أَرْسَلْنَاكَ فِي أُمَّةٍ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهَآ أُمَمٌ} فمضت في التاريخ بكل أوضاعها المتنوعة من الكفر والإيمان ،والرشد والغيّ ،والهدى والضلال ،في التزامها بالرسالات وإيمانها بالرسل ،أو انفصالها عنها وعنهم ،فلم تكن هذه الأمة بدعاً من الأمم التي أرسل الله إليها رسله الذين تتحرك في مسيرتهم ،{لِّتَتْلُوا عَلَيْهِمُ الَّذِي أَوْحَيْنَآ إِلَيْكَ} من هذا القرآن في آياته التي تبيّن لهم رسالة الله وشريعته ،ولكنهم لم يستجيبوا لك{وَهُمْ يَكْفُرُونَ بِالرَّحْمَانِ} فلا يؤمنون به ،أو لا يؤمنون بتوحيده ،بل يشركون به شرك عقيدةٍ أو عبادةٍ ،اتّباعاً لأهوائهم في الابتعاد عن الصراط المستقيم ،فلا تتراجع أمام جحودهم وكفرهم ،بل تابع رسالتك ،واعمل على تأكيد الدعوة وإعلان التوحيد بكل قوّة ،ولا تحزن ولا تكن في جانب الضعف ،لأنك في موقف القوة في العقيدة وفي الشريعة ،وفي المنهج .{قُلْ هُوَ رَبِّي} الذي أدين له بالربوبيّة ،وألتزم به في مواقف العبودية ،{لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ} في ما أتمثله من خط التوحيد ورفض الشرك ،في كل جوانب الحياة ،{عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ} في كل أموري التي يتحرك الغيب معها ،في ما لا أعرف كنهه ،ولا أدرك سرّه ،ولا أستوضح أمره من قضايا المستقبل وأخشى تهاويله وأشباحه ومشاكله ،فألجأ إليه ،بعد استنفاد كل الوسائل التي أملك أمرها ،وأعرف حدودها .ويبقى للمستقبل خط التوكل الذي ينفتح فيه الشعور بالأمن والطمأنينة من خلال الله ،فهو الملاذ والمرجع ،فإيّاه أدعو{وَإِلَيْهِ مَتَابِ} فأوجّه إليه التوبة من ذنوبي التي أسلفتها ،وأفتح له كل حياتي المستقبلية ،التي أثير فيها كل تاريخ حياتي الماضية بالتوبة والإيمان .