يقول تعالى:وكما أرسلناك يا محمد في هذه الأمة:( لتتلو عليهم الذي أوحينا إليك ) أي:لتبلغهم رسالة الله إليهم ، كذلك أرسلنا في الأمم الماضية الكافرة بالله ، وقد كذب الرسل من قبلك ، فلك بهم أسوة ، وكما أوقعنا بأسنا ونقمتنا بأولئك ، فليحذر هؤلاء من حلول النقم بهم ، فإن تكذيبهم لك أشد من تكذيب غيرك من المرسلين ، قال الله تعالى:( تالله لقد أرسلنا إلى أمم من قبلك فزين لهم الشيطان أعمالهم فهو وليهم اليوم ولهم عذاب أليم ) [ النحل:63] وقال تعالى:( ولقد كذبت رسل من قبلك فصبروا على ما كذبوا وأوذوا حتى أتاهم نصرنا ولا مبدل لكلمات الله ولقد جاءك من نبأ المرسلين ) [ الأنعام:34] أي:كيف نصرناهم ، وجعلنا العاقبة لهم ولأتباعهم في الدنيا والآخرة .
وقوله:( وهم يكفرون بالرحمن ) أي:هذه الأمة التي بعثناك فيهم يكفرون بالرحمن ، لا يقرون به; لأنهم كانوا يأنفون من وصف الله بالرحمن الرحيم; ولهذا أنفوا يوم الحديبية أن يكتبوا "بسم الله الرحمن الرحيم "وقالوا:ما ندري ما الرحمن الرحيم . قاله قتادة ، والحديث في صحيح البخاري وقد قال الله تعالى:( قل ادعوا الله أو ادعوا الرحمن أيا ما تدعوا فله الأسماء الحسنى ) [ الإسراء:110] وفي صحيح مسلم عن عبد الله بن عمر قال:قال رسول الله ، صلى الله عليه وسلم:"إن أحب الأسماء إلى الله عبد الله وعبد الرحمن .
( قل هو ربي لا إله إلا هو ) أي:هذا الذي تكفرون به أنا مؤمن به ، معترف مقر له بالربوبية والإلهية ، هو ربي لا إله إلا هو ، ( عليه توكلت ) أي:في جميع أموري ، ( وإليه متاب ) أي:إليه أرجع وأنيب ، فإنه لا يستحق ذلك أحد سواه .