قوله: ( ولقد أرسلنا موسى بآياتنا ) أرسل الله نبيه الكليم موسى عليه السلام إلى القوم المجرمين وهم فرعون وقومه الذين طغوا في البلاد وأكثروا في الأرض الفساد .أرسله إليهم بآياته البينات وهي الحجج والبراهين .
وقيل: المراد بها الآيات التسع التي أجراها الله على يد موسى .وقيل: المراد آيات التوراة .
قوله ( أن أخرج قومك من الظلمات إلى النور ) ( أنْ ) ،تحتمل وجهين: أحدهما: كونها مصدرية .وثانيهما: كونها تفسيرية ؛أي مفسرة بمعنى أي{[2370]} .والمراد بقومه ؛بنو إسرائيل ؛إذ أرسله الله إليهم ليخرجهم من ظلمات العبودية والذل والقهر إلى نور العزة والسلطان .وقيل: المراد بقومه القبط ؛فيكون المعنى: أخرجهم من ظلمات الكفر والضلال إلى نور الهداية والإيمان وعبادة الله وحده .
قوله: ( وذكرهم بأيام الله ) يعني ذكرهم بنعم الله وبلائه .فنعم الله عليهم كثيرة ؛فقد أعطوا من النعم والخيرات والمنن الكبيرة والكثيرة ما لم يُعط مثله أحد في العالمين سواهم .وذلك كالمن والسلوى ،وفلق البحر ،وتظليل الغمام ،وانبجاس الماء الثجاج من الصخر .وأما بلاؤه: فبقهر فرعون لهم واستعباده إياهم وتقتيل أبنائهم وإذلالهم .
قوله: ( إن في ذلك لآيات لكل صبار شكور ) الإشارة عادة إلى أيام الله ؛أي التذكير بأيام الله من النعماء ،والبلاء فيه علامات كبيرة تكشف عن جلال الله وعظيم قدرته وحكمته ( لكل صبار شكور ) الصبار ،الكثير الصبر على البلاء في سبيل الله .وكذلك الشكور ،الكثير الشكر لأنعم الله .وذلك هو أمر المؤمن ؛فإنه يصطبر على البلاء بكل صوره ،يبتغي بذلك رضوان الله ،ثم يشكره على ما منّ به عليه من خير ونعمة .لا جرم أن نعم الله على الإنسان كثيرة لا تحصى .منها نعمة العقل والسمع والبصر والإرادة وكل ظواهر الحس ،وغير ذلك من وجوه الخيرات المادية والمعنوية التي أسبغها الله على عباده{[2371]} .