قوله تعالى:{وإذ قال موسى لقومه اذكروا نعمة الله عليكم إذ أنجاكم من آل فرعون يسومونكم سوء العذاب ويذبحون أبناءكم ويستحيون نسائكم وفي ذلكم بلاء من ربكم عظيم} .
( إذ ) ،منصوب على المفعولية بمضمر ؛أي اذكر لهم يا محمد وقت قول موسى لقومه ( اذكروا نعمة الله عليكم ) التي أنعمها عليكم وهي كبيرة وكثيرة .وذلك ( إذ أنجاكم من آل فرعون ) متعلق بقوله ،( اذكروا ) .أي اذكروا حين أنجاكم الله من فرعون وقومه الظالمين ،أو اذكروا إنعام الله عليكم وقت إنجائكم من فرعون وملإه الطغاة المجرمين الذين كانوا ( يسومونكم ) من السوم أو السوام ،وهو الذهاب في طلب الشيء .سام الإنسان ذُلًّا أو خسفا أو هوانا ؛أي أولاه إياه وأراده عليه{[2372]} ( سوء العذاب ) مفعول ثان ليسومونكم ؛أي يذيقونكم شديد العذاب .والعذاب جنس العذاب المؤلم السيئ كاستعبادهم وإذلالهم وتسخيرهم للأعمال الشاقة في امتهان وتحقير ( ويذبحون أبناءكم ) معطوف على
( يسومونكم ) .والمراد بالتذبيح هنا ،قتل الأولاد الذكور ظلما وعدوانا ،واستبقاء النساء .وهو قوله: ( ويستحيون نسائكم ) أي يبقونهن في الحياة مع الذل .لا جرم أن ذلك بلاء فظيع ؛لأن إبقاء النساء دون البنين مهانة وإذلال ومبعث اللوعات والأحزان في نفوسهن .وهو قوله: ( وفي ذلكم بلاء من ربكم عظيم ) أي فيما تبين من فظيع الأفعال البشعة المذكورة ابتلاء من الله تعالى لتصبروا فتؤجروا ثم يكشف الله عنكم بعد ذلك ما حاق بكم من البلاء والمحن ،وقيل: البلاء هنا بمعنى النعمة ؛أي في ذلكم نعم من ربكم عظيمة ؛إذ أنجاكم من فرعون وقومه الطغاة الظالمين ؛فالمشار إليه الإنجاء من ذلك .والبلاء يراد به الابتلاء بالنعمة ؛فإنه يكون بها كما يكون بالمحنة ،وفي مثل ذلك يقول سبحانه: ( ونبلوكم بالشر والخير فتنة ){[2373]} .