قوله تعالى:{وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه ليبين لهم فيُضِلُّ الله من يشاء ويهدي من يشاء وهو العزيز الحكيم ( 4 ) ولقد أرسلنا موسى بآياتنا أن أخرج قومك من الظلمات إلى النور وذكرهم بأيّام الله إن في ذلك لآيات لكل صبار شكور ( 5 )} .
لم يرسل الله من رسول في الأمم السابقة إلا بلغة الذين أرسل إليهم وهو منهم ومبعوث فيهم ( ليبين لهم ) أي دينهم الذي جاءهم به من عند الله ؛فيتلقوه منه في سرعة ويسر من غير حاجة إلى ترجمان ،وهذه حجة لله على العباد إذ بعث فيهم النبيين من أنفسهم ،كل نبي بلغة قومه ؛تسهيلا لهم وتيسيرا عليهم ؛فيتسنى لهم بذلك فهم دينهم والوقوف على حقيقته ومعناه .
قوله: ( فيضل الله من يشاء ويهدي من يشاء ) ( فيضل ) ،مرفوع على الاستئناف{[2369]} .
والمعنى: ليس على الرسول إلا القيام بتبليغ الناس ،وما عليه هداية أحد ؛فإنما الهادي هو الله وحده دون أحد من خلقه ،وما على النبي كذلك إضلال أحد ؛وإنما يضل الله الناس إن كانوا لا يستحقون الهداية ؛لفساد فطرتهم وسوء اختيارهم ،وذلك بخلاف المهتدين الذين يكتب الله لهم الهداية ؛لاستقامة طبعهم وسلامة فطرتهم وحسن اختيارهم ؛إذ سلكوا طريق الهداية حيث الفوز بالجنة والرضوان .
قوله: ( وهو العزيز الحكيم ) ( العزيز ) يعني القوي القادر على كل شيء والذي لا يغلبه شيء . و ( الحكيم ) ،الواضع للأشياء على ما اقتضته حكمته المطلقة وتقديره الكامل من غير نقص في ذلك ولا عيب ولا خلل .