هذا من لطفه تعالى بخلقه:أنه يرسل إليهم رسلا منهم بلغاتهم ليفهموا عنهم ما يريدون وما أرسلوا به إليهم ، كما قال الإمام أحمد:
حدثنا وكيع ، عن عمر بن ذر قال:قال مجاهد:عن أبي ذر قال:قال رسول الله ، صلى الله عليه وسلم:"لم يبعث الله ، عز وجل ، نبيا إلا بلغة قومه ".
وقوله:( فيضل الله من يشاء ويهدي من يشاء ) أي:بعد البيان وإقامة الحجة عليهم يضل تعالى من يشاء عن وجه الهدى ، ويهدي من يشاء إلى الحق ، ( وهو العزيز ) الذي ما شاء كان ، وما لم يشأ لم يكن ، ( الحكيم ) في أفعاله ، فيضل من يستحق الإضلال ، ويهدي من هو أهل لذلك .
وقد كانت هذه سنة الله في خلقه:أنه ما بعث نبيا في أمة إلا أن يكون بلغتهم ، فاختص كل نبي بإبلاغ رسالته إلى أمته دون غيرهم ، واختص محمد بن عبد الله رسول الله بعموم الرسالة إلى سائر الناس ، كما ثبت في الصحيحين عن جابر قال:قال رسول الله ، صلى الله عليه وسلم:"أعطيت خمسا لم يعطهن أحد من الأنبياء قبلي:نصرت بالرعب مسيرة شهر ، وجعلت لي الأرض مسجدا وطهورا ، وأحلت لي الغنائم ولم تحل لأحد قبلي ، وأعطيت الشفاعة ، وكان النبي يبعث إلى قومه ، وبعثت إلى الناس عامة ".
وله شواهد من وجوه كثيرة ، وقال تعالى:( قل ياأيها الناس إني رسول الله إليكم جميعا ) [ الأعراف:158] .