رسالة موسى إلى قومه لم تكن مسألة إخراج الناس من الظلمات إلى النور شأناً خاصاً بهذا القرآن أو بهذا الرسول ،ولكنه هدف الرسالات كلها ،والرسل كلهم ،فهذا نبيّ الله موسى جاء إلى قومه ليخرجهم من الظلمات إلى النور استجابةً لنداء الله الذي كلّفه بحمل الرسالة إلى قومه ابتداءً ،ثمّ إلى الناس جميعاً .
{وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَى بَِآياتنا} التي أنزلها عليه في التوراة{أَنْ أَخْرِجْ قَوْمَكَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ} بما تدعوهم إليه من عبادة الله الواحد الأحد ،ورفض كل أشكال الصنمية والعبودية للأحجار أو الأشخاص وبما تقودهم إليه من التزام بالشريعة الكاملة التي تحدّد لهم منهج حياتهم ،ليتحركوا بوعي ينطلق من الحكمة ،ويلتقي بالخير والإحسان والرحمة .
{وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللَّهِ} بما توحيه نسبة الأيام إلى الله من كونها أزمنة تتميّز بنعمه أو بلائه كمظهر من مظاهر قدرته وسطوته ورحمته وعذابه في تاريخ الأزمنة السابقة ،وحركة المستقبل في الأزمنة اللاحقة .وهدف التذكير هنا ،حثهم على التفكير بالارتباط بالله من أقرب طريق ،بنشدان رضاه ورحمته ،والخوف من سخطه وعقابه ،والالتزام بالخط الذي يريدهم أن يسيروا عليه ،وبذلك يكون هدف الذكرى إطلاق وعيٍ ،بعلاقته بالله واتصال حياته به في جانب العافية والبلاء ،ليخطط وينفذ من هذا الموقع .
{إِنَّ فِي ذلِكَ لآيَاتٍ لِّكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ} بما يفرضه البلاء من الحاجة إلى الصبر ،وما توحي به النعمة من الشكر ،أو في ما يقتضيانه معاً من صبرٍ على المسؤولية التي تحتويهما معاً ،وشكرٍ على النتائج الإيجابية التي تثيرهما معاً .