قوله تعالى:{ولقد خلقنا الإنسان من صلصال من حمإ مسنون ( 26 ) والجان خلقناه من قبل من نار السموم ( 27 )} .
المراد بالإنسان ههنا آدم عليه السلام .والصلصال ،معناه الطين اليابس الذي يسمع له عند النقر صلصلة .وقيل: الصلصال ،الطين الحمراء إذا خلط بالرمل{[2447]} ،وقيل: إن الله خلق آدم على صورة الإنسان من طين ،ثم ترك حتى جف فكانت الريح إذا مرت به يسمع له صلصلة .
قوله: ( من حمإ مسنون ) الحمأ ،جمع حمأة ،وهو الطين المتغير إلى السواد ،والمسنون معناه المنتن المتغير من قولهم: أسن الماء ؛إذا تغير ،وهو قول ابن عباس .
هكذا خلق الله الإنسان .خلقه من تراب قد جبل بالماء فتحول طينا أسود منتنا ثم جف ويبس فصار كالفخار يُسمع له صلصلة إذا نقر .حتى إذا نفخ الله فيه من روحه صار خلقا آخر بسريان الروح فيه .وذلكم الإنسان بصفاته وخصائصه التي تميز بها من كل الأحياء .وذلك بما أوتي من عقل مفكر مدكر ،وضمير وازع حافز ،وجسد وأعصاب وحواس وأعضاء كثيرة ومختلفة يكمل بعضها بعضا ليتحقق الإنسان المتكامل المنسجم المميز .لا جرم أن خلق الإنسان شاهد عظيم على قدرة الصانع الجليل الذي خلق كل شيء وأحاط علمه بكل شيء .