قوله تعالى:{وإذا بدلنا آية مكان آية والله أعلم بما ينزل قالوا إنما أنت مفتر بل أكثرهم لا يعلمون ( 101 ) قل نزله روح القدس من ربك بالحق ليثبت الذين آمنوا وهدى وبشرى للمسلمين ( 102 )} هذه الآية في النسخ ،وفيما تقوله المشركون الجاهلون في حقيقته ؛إذ قالوا: إن رسول الله ( ص ) مفتر على الله في جعل حكم بدل آخر .والنسخ في اللغة بمعنى الإزالة ،والإبطال وإقامة الشيء مقام غيره{[2609]} .والنسخ في الاصطلاح: هو رفع الحكم الشرعي بدليل شرعي متأخر{[2610]} ،وقد بينا في سورة البقرة حقيقة النسخ في شيء من التفصيل .
أما معنى الآية ههنا فهو: وإذا نسخنا حكم آية فأبدلنا مكانه حكم آية أخرى ،( والله أعلم بما ينزل ) ،جملة اعتراضية بين الشرط وجوابه ؛أي الله أعلم بالذي هو أصلح لعباده فيما يبدل ويغير من الأحكام .
قوله: ( قالوا إنما أنت مفتر ) ،جواب إذا .والقائلون هم المشركون الجاحدون يقولون للنبي ( ص ) عقب نسخ حكم من الأحكام: ( إنما أنت مفتر ) ،فقد نسبوا إلى النبي ( ص ) الافتراء بأنواع من المبالغات ،وهي: الحصر والخطاب ،واسم الفاعل الدال على الثبوت والاستقرار{[2611]} ؛أي إنما أنت يا محمد متقوِّل تخرص باختلاق الكلام والأحكام من عندك ،( بل أكثرهم لا يعلمون ) ،مفعول ( يعلمون ) محذوف ؛أي: بل أكثر هؤلاء القائلين إنك مفتر جهلة سفهاء ،لا يعلمون الحكمة البالغة من نسخ الأحكام .