قوله: ( وما منعنا أن نرسل بالآيات إلا أن كذب بها الأولون ) في سبب نزول هذه الآية روى الإمام أحمد عن ابن عباس قال: قالت قريش للنبي ( ص ): ادع لنا ربك أن يجعل لنا الصفا ذهبا ونؤمن بك قال:"وتفعلون ؟"قالوا: نعم .قال: فدعا ،فأتاه جبريل فقال: إن ربك يقرأ عليك السلام ويقول لك: إن شئت أصبح لهم الصفا ذهبا ،فمن كفر منهم بعد ذلك عذبته عذابا لا أعذبه أحدا من العالمين ،وإن شئت فتحت لهم أبواب التوبة ،والرحمة فقال:"بل باب التوبة ،والرحمة "وروي غير ذلك مما يشبهه{[2703]} .
و ( أن ) ،الأولى في موضع النصب مفعول ثان للفعل ( منعنا ) و ( أن ) الثانية في موضع الرفع لأنها فاعل ( منعنا ) والتقدير: وما منعنا الإرسال بالآيات إلا تكذيب الأولين بمثلها{[2704]} .
والمعنى: أن تكذيب الأولين كان سببا لهلاكهم ،فلو أرسلنا بالآيات إلى قريش فكذبوها لأهلكناهم كما أهلكنا السابقين المكذبين .
قوله: ( وآتينا ثمود الناقة مبصرة فظلموا بها ) لما سألت ثمود نبيهم صالحا أن يخرج لهم ناقة من صخرة عينوها لتكون لهم آية على نبوته ،دعا صالح ربه أن يخرج لهم ما سألوه فأخرجها الله لهم مثلما سألوا .وهو قوله: ( وآتينا ثمود الناقة مبصرة ) أي أخرجناها لتكون لهم آية بينة مضيئة تشهد بصدق صالح عليه السلام ( فظلموا بها ) أي كفروا بها ؛إذ قتلوها وعقروها فكان ظلمهم بقتلها وعقرها ،أو أنهم ظلموا بتكذيب هذه المعجزة .
قوله: ( وما نرسل بالآيات إلا تخويفا ) المراد بالآيات مختلف الدلائل والعبر والمعجزات وأصناف البلايا والانتقام .كل ذلك يرسله الله للعباد على سبيل التخويف لهم ؛فهو سبحانه يتهدد الناس بمثل هذه الآيات لكي ينثنوا عن فعل المعاصي وينيبوا إلى ربهم طائعين مخبتين{[2705]} .