/م58
وَهُنا قد يقول المشركون: نحنُ لا مانع لدينا مِن الإِيمان وَلكن بشرط أن يقوم الرّسول( صلى الله عليه وآله وسلم ) بجميع المعجزات التي نقترحها عليه ،أي أن يستسلم لحججنا .القرآن يجيب أمثال هؤلاء بقوله تعالى: ( وَما منعنا أن نرسل بالآيات إِلاَّ أن كَذَّبَ بها الأوّلون ) .
الآية تشير إلى أنَّ الله تبارك أرسل معجزات كثيرة وَكافية لدلالة على صدق الرّسول( صلى الله عليه وآله وسلم ) ،أمّا ما تقترحونه مِن معجزات فهي غير مقبولة ،لأنّكم بعد وقوعها وَمشاهدتها سوف لا تؤمنون ،بدليل أنَّ الأمم السابقة والتي كانت أوضاعها وَحالاتها مماثلة لأوضاعكم وَحالاتكم ،اقترحت نفس الاقتراحات ثمّ لم تؤمن بعد ذلك .
تشير الآية بعد ذلك إلى نموذج واضح لِهَذَه الحالة فتقول: ( وآتينا ثمود الناقة مُبصرةً ) لقد طلبَ قوم صالح الناقة فأخرجها الله لهم مِن الجبل ،وأجيبت بذلك المعجزة التي طلبوها ،وَقد كانت معجزة واضحة وَموضِّحة !
وَلكن بالرغم مِن كل ذلك ( فظلموا بها ) .
وَعادة فإنَّه ليس مِن مُقتضيات البرنامج الإِلهي أن يستجيب لأي معجزة يقترحها إنسان ،أو أن ينصاع إلى تنفيذها الرّسول ،وَلكن الهدف هو: ( وَما نرسل بالآيات إِلاَّ تخويفاً ) .إِنَّ أنبياء الله ليسوا أفراداً خارقي العادة حتى يجلسوا وَينفذوا أيَّ اقتراح يُقترح عليهم وإنّما مسؤوليتهم إبلاغ دعوة الله والتعليم والتربية وإقامة الحكومة العادلة ،إِلاَّ أنّهم يظهرون المعجزات مِن أجل إثبات علاقتهم بالخالق جلاَّ وَعلا ،وَبالقدر الذي يُناسب هَذا الإِثبات ليسَ أكثر .
/خ60