قوله تعالى:{ولقد صرفنا للناس في هذا القرآن من كل مثل فأبى أكثر الناس إلا كفورا} ( صرفنا ) ،مفعوله محذوف .و ( من ) في قوله: ( من كل مثل ) زائدة ،وهو المفعول به و ( صرفنا ) ،أي أجرينا ورددنا .صرف الحديث بسكون الراء ؛أي أن يزاد فيه ويحسن .والمعنى: أن الله جل وعلا أجرى القرآن على أساليب مختلفة تقتضي زيادة في البرهنة والتدليل لأهل مكة ( في هذا القرآن من كل مثل ) أي ردد للناس في كتابه الحكيم من مختلف المعاني والمشاهد والعبر ،ما يبيّن لهم وللبشرية كافة أن هذا الكلام معجز ،وأنه منزل من لدن حكيم حميد{[2743]} .
ومن الظواهر المتجلية في القرآن أنه تتزاحم فيه المعاني المختلفة بتعدد مجالاتها وضروبها وأساليبها ليتذكر السامعون وتستيقن قلوبهم ،وليعلموا أن ما جاءهم به رسول الله ( ص ) لهو الحق والصدق .
قوله: ( فأبى أكثر الناس إلا كفورا ) ( كفورا ) ،مفعول به للفعل أبى ،وهو استثناء مفرغ ؛أي لم يفعلوا إلا الكفور ،بضم الكاف .والمراد بأكثر الناس ،الكافرون في زمن النبوة من المشركين وأهل الكتاب ؛فقد أبوا إلا أن يجحدوا الحق وهو القرآن إذ كذبوا به واستيقنته أنفسهم من الداخل .