قوله تعالى:{فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات فسوف يلقون غيا ( 59 ) إلا من تاب وآمن وعمل صالحا فأولئك يدخلون الجنة ولا يظلمون شيئا ( 60 ) جنات عدن التي وعد الرحمان عباده بالغيب إنه كان وعده مأتيا ( 61 ) لا يسمعون فيها لغوا ولا سلاما ولهم رزقهم فيها بكرة وعشيا ( 62 ) تلك الجنة التي نورث من عبادنا من كان تقيا ( 63 )} بعد أن ذكر الأبرار من نبيين وصديقين وصالحين ،شرع في ذكر صنف آخر من الناس جاءوا عقب أولئك الأولين الأبرار .لكن هؤلاء صنف مغاير من الأشقياء والخاسرين الذين باءوا بالهلاك وسوء المصير في الآخرة .وهم المراد بهم في قوله ( فخلف من بعدهم خلف ) والخلف بسكون اللام وهم القرن بعد القرن .يقال: هؤلاء خلف سوء{[2908]} فقد ( أضاعوا الصلاة ) واختلفوا في المراد بإضاعة الصلاة في الآية .فقد قيل: المراد إضاعة أوقاتها وعدم القيام بحقوقها من تمام الأداء والخشوع .وقيل: المراد بإضاعتها ،تركها بالكلية .وهذا أنسب للسياق ؛فإن الآية تتضمن تعريضا بصنف فاسق مغاير للمؤمنين السابقين فهم جيل التفريط من الأمم الغافلة على مرّ الزمن ،والتي أدبرت عن طاعة الله وجمحت في ابتغاء الشهوات جموح الخاسرين الشاردين عن الهدى والرشاد .ولا يضيّع الصلاة ويبتغي الشهوات بكل سبب أو وسيلة محظورة أو مشروعة إلا الخاسرون الهلكى الذين آثروا الدنيا على الآخرة واستعاضوا عن الطاعات بالشهوات على اختلاف صورها وضروبها .
قوله: ( فسوف يلقون غيا ) الغي معناه الخيبة والخسران .وقيل: واد في جهنم يصير إليه الغاوون الخاسرون الذين ضيعوا الصلاة واتبعوا الشهوات .وهذا تعزيز للقول بأن المراد بتضييع الصلاة هو تركها كليا .