ولما ذكر تعالى حزب السعداء ،وهم الأنبياء ومن اتبعهم من القائمين بحدود الله وأوامره ذكر من نبذ دعوتهم ممن خلفهم ،وما سينالهم بقوله سبحانه:
{ فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا ( 59 )} .
{ فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ} وقرئ{ الصلوات} بالجمع أي المتضمنة للسجود والأذكار ،المستدعية للبكاء .وإذا أضاعوها ،فهم لما سواها من الواجبات أضيع .لأنها عماد الدين وقوامه وخير أعمال العباد{ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ} أي فأتوا بما ينافي البكاء والأمور المرضية من الأخلاق والأعمال ،من الانهماك في المعاصي التي هي بريد الكفر{ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا} أي شرا .قال الزمخشري:كل شر عند العرب غي ،وكل خير رشاد .قال المرقش:
فمن يلق خيرا يحمد الناس أمره *** ومن يغو لا يعدم على الغي لائما
أي من فعل خيرا ،يحمد الناس أمره .ومن يفعل الشر لا يعمد اللوائم على فعله .وقيل:أراد الشاعر بالخير المال ،وبالغي الفقر .أي ومن يفتقر .ومنه القائل:
والناس من يلق خيرات قائلون له *** ما يشتهي .ولأم المخطئ الهبل
أي الثكل ،ويجوز أن يكون المعنى جزاء غي .كقوله تعالى:{ يلق أثاما} أي شرا وعقابا .فأطلق عليه كما أطلق الغي على مجازاته المسببة عنه ،مجازا .أو{ غيا} ضلالا عن طريق الجنة .فهو بمعناه المشهور .