قوله: (وإذا قيل لهم آمنوا كما آمن الناس (ما ،مصدر ،في محل جر بالكاف ،أمن الناس ،صلتها{[22]} وذلك وصف آخر لحال المنافقين ،إذ يدعوهم المؤمنون من أجل أن تؤمن قلوبهم ،فإن إظهار الإيمان نطقا باللسان وحده أمر لا يغني ،وإنما التعويل كله في هذه المسألة الأساسية إنما يقع على القلب حيث الإيمان واستقرار العقيدة .
ولقد كان المؤمنون يهتفون بالمنافقين المفسدين ليؤمنوا إيمانا وافيا حقيقيا مثلما أمن الناس الآخرون من أنصار ومهاجرين .وذلك تذكير ودود تتأثر به النفس السليمة الكريمة لكن مثل هؤلاء الجبناء الذين يفارقون فسقهم في خسة لا تطوع لهم أنفسهم أن يقبلوا على الله في خشوع ،أو أن يستقبلوا الموعظة والذكرى في تواضع ،بل إنهم مستكبرون في حماقة وجهل ،لذلك كان جوابهم عاتيا آثما ينم على استكبار متهكم .
سخيف إذ قالوا: (أنومن كما آمن السفهاء (والسفهاء مفردها سفيه وهو من السفه ،ومعناه الخفة والطيش وبساطة الحلوم ،كذلك كان يغلظ المنافقون عندما دعوا إلى الإيمان فلجوا واستكبروا في حماقة واستخفاف وهم يتصورون أنهم إذا آمنوا فلسوف يكونون مع أولئك المؤمنين الذين آمنوا سفها بغير علم ،كذلك قال المنافقون وهم فريق من الكذبة الفساق الذين يهذون بما لا يعلمون إلا تخريصا وزيفا وافتراء .وحقيقة الحال تبين في غير ما شك أن هؤلاء الفساق هم السفهاء وأنهم ذوو الطبائع الفاسدة المريضة أو الأحلام التي سيمت التبلد والشلل ،وفي ذلك يقول سبحانه شاهدا على هؤلاء بالسفه وفساد الأحلام: (ألا إنهم هم السفهاء ولكن لا يعلمون (.