قوله تعالى: ( يا أيها الناس كلوا مما في الأرض حلالا طيبا ولا تتبعوا خطوات الشيطان إله لكم عدو مبين إنما يأمركم بالسوء والفحشاء وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون ) .
وذلك إرشاد من الله للناس وتوجيه لهم أن يأكلوا من خيرات الأرض ( حلالا ) وسمي الحلال بذلك ؛لانحلاله من عقدة الحظر ( المنع ) أما الطيب فمعناه الحلال .
وقد جاء المعنى مكررا للتأكيد .وقيل معناه المستطاب المستلذ في نفسه ،وهو ما كان غير ضار للأبدان أو العقول .
ومن أشد وجوه الشر التي يقارفها الإنسان في حياته أن يأكل غير الحلال من الطعام مما حرمه الشرع ،ونهى عنه كالربا والغلول والرُّشا وغير ذلك من أوجه المال الخبيث .وهو مال يثقل به كاهل الإنسان المعتدي ؛لما يحمله من أوزار الاعتداء على أموال الناس بالباطل .وقد روي عن ابن عباس أنه لما تليت هذه الآية قام سعد بن أبي وقاص وقال: يا رسول الله!ادع الله أن يجعلني مستجاب الدعوة ،فقال:"يا سعد أطبْ مطعمك تكن مستجاب الدعوة والذي نفس محمد بيده إن الرجل ليقذف اللقمة الحرام في جوفه ما يُتقبل منه أربعين يوما ،وأيما عبد نبت لحمه من السحت والربا فالنار أولى به ".
وقوله: ( ولا تتبعوا خطوات الشيطان ) خطوات الشيطان هي طرقه ومسالكه التي تقود إلى الشر والمعصية وتفضي إلى النار .وما من شك أن الشيطان عدو ظاهر أكبر للإنسان يحرفه عن مسار الحق وعن صراط الله ومنهجه القويم السليم ،وهو كذلك الذي يزلقه إزلاقا ليبوء بالخسران الكبير في هذه الدنيا حيث الشقوة والمعاناة والمضانكة ،ثم ليهوي أخيرا في جهنم وذلكم هو الخسران المبين .