وقوله: ( وقال الذين اتبعوا لو أن لنا كرة فنتبرأ منهم كما تبرءوا منا ) هؤلاء هم المشركون الذين كانوا تبعا للسادة والكبراء في الدنيا ،يتمنون يوم يرون العذاب في الآخرة وبعد أن يتبرأ منهم السادة والكبراء ،لو أن لهم ( كرة ) أي عودة أو رجعة إلى الدنيا ؛ليتبرءوا من عبادتهم مثلما تبرأ المتبوعون يوم القيامة منهم ،وليعاودوا العمل من جديد فيعبدوا الله وحده دون غير من شركاء أو أنداد .
وقوله: ( كذلك يريهم الله أعمالهم حسرات عليهم وما هم بخارجين من النار ) مثلما أراهم الله العذاب فتمنوا أن يتبرأوا من معبوديهم في كرة أخرى ،فإن الله يريهم أيضا أعمالهم حسرات عليهم أي أنهم يرون أعمالهم الفاسدة يوم القيامة فتأخذهم الحسرة وهي الندامة الشديدة والتلهف البالغ .ولسوف يرون العذاب القارع المروع فجأة حتى يُسقط في أيديهم وتتقطع قلوبهم وجلا ثم يساقون إلى النار فيمكثون دائمين ما بقي الزمان ( وما هم بخارجين من النار ) وقوله في الآية: ( كذلك ) الكاف في محل رفع على الابتداء .وتقديره: مثل ذلك الإراء الفظيع ( يريهم الله أعمالهم حسرات عليهم ) أي ندامات وتلهفات .والإراء هنا من رؤية البصر فيكون الفعل ( يريهم ) متعديا لمفعولين وهما الهاء في يريهن .والثاني ( أعمالهم ) .فتكون حسرات منصوبة على الحال .وقيل: من رؤية القلب ،فتكون حسرات مفعولا به ثالثا{[175]} .