وقوله: ( وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين لله ) ذلك أمر من الله للمؤمنين بقتال المشركين في كل مكان ،سواء بدأهم المشركون بالقتال أو لم يبدأوهم ،فإن على دولة الإسلام أن تمضي قدما لتطهير الأرض من أوضار الشرك حتى تذهب شوكة الكافرين المجرمين ،وحتى يتداعى سلطان الشرك أو يتبدد نهائيا .فلا يبقى بعد ذلك غير سلطان الإسلام وشوكته التي يوجب الله أن تعلو رايتها خفاقة فوق ربوع الدنيا .وحينئذ سوف لا تبقى فتنة .أو لا تبقى في الأرض بواعث تغري بالشرك أو تستميل المسلمين إلى الباطل ،بل يكون المسلم آمنا مطمئنا على نفسه ودينه فلا يجد من بين يديه ولا من خلفه من أسباب تفتنه من دينه ،او تغريه بالشرك .والأصل في ذلك أن يكون الدين لله .فيبقى الإسلام – وهو دين الله- المهيمن على الدين كله وليس بعد دين الله ( الإسلام ) لملة أو عقيدة أو ديانة أو فلسفة أن تتفشى في الأرض لتكون ظاهرة على الإسلام ،بل إن الإسلام وحده ينبغي أن يظل ظاهرا على المبادئ والديانات والنحِّل والمذاهب والتصورات جميعا ؛لذلك قال سبحانه في الآية: ( ويكون الدين لله ) وفي الحديث الشريف عن النبي ( ص ) قال:"أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله ،فإذا قالوها عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها وحسابهم على الله "{[256]} .
وقوله: ( فإن انتهوا فلا عدوان إلا على الظالمين ) إذا انصرف المشركون عن قتال المسلمين وعن إيذائهم وفتنتهم فدخلوا في الإسلام ،أو كانوا من أهل الكتاب ورضوا بدفع الجزية صاغرين فإن عليكم حينئذ أن تكفوا عن قتالهم ؛لأن العدوان لا يكون إلا على الظالمين ويأتي العدوان هنا بمعنى المقاتلة والجزاء .ذلك أن العدوان من المؤمنين على الظالمين هو بمثابة الجزاء على العدوان وذلك كقوله تعالى: ( وجزاء سيئة سيئة مثلها ) أما الظالمون فهم المشركون .أو يراد بهم الذين يعتدون فيبدأون بقتال المسلمين{[257]} .