)وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ فَإِنِ انْتَهَوْا فَلا عُدْوَانَ إِلَّا عَلَى الظَّالِمِينَ ) ( البقرة:193 )
التفسير:
قوله تعالى:{وقاتلوهم} أي قاتلوا الكفار{حتى لا تكون فتنة} أي صد عن سبيل الله بأن يكفوا عن المسلمين ،ويدخلوا في الإسلام ،أو يبذلوا الجزية ؛{ويكون الدين لله} أي يكون الدين الظاهر الغالب لله تعالى أي دين الله.
قوله تعالى:{فإن انتهوا} أي عن قتالكم ،وعن كفرهم ،ورجعوا{فلا عدوان إلا على الظالمين}؛وهم قد انتفى عنهم الظلم ؛وحينئذ لا يكون عليهم عدوان .
وقوله هنا:{فلا عدوان}: قيل: إن معناه فلا سبيل ،كما في قوله تعالى في قصة موسى:{أيما الأجلين قضيت فلا عدوان علي والله على ما نقول وكيل} [ القصص: 28] أي لا سبيل عليّ ؛وقيل:{فلا عدوان} أي لا مقاتلة ؛لأنه تعالى قال:{فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه} [ البقرة: 194]؛وهي من باب مقابلة الشيء بمثله لفظاً ؛لأنه سببه ؛وليس معناه: أن فعلكم هذا عدوان ؛لكن لما صار سببه العدوان صح أن يعبر عنه بلفظه .
وقوله تعالى:{فلا عدوان إلا على الظالمين}: خبر «لا » يجوز أن يكون الجار والمجرور في قوله تعالى:{على الظالمين}؛ويجوز أن يكون خبر «لا » محذوفاً ؛والتقدير: فلا عدوان حاصلأو كائنإلا على الظالمين .
الفوائد:
1من فوائد الآية: أن الأمر بقتالهم مقيد بغايتين ؛غاية عدمية:{حتى لا تكون فتنة} أي حتى لا توجد فتنة ؛و «الفتنة » هي الشرك ،والصد عن سبيل الله ؛والغاية الثانية إيجابية:{ويكون الدين لله} بمعنى: أن يكون الدين غالباً ظاهراً لا يعلو إلا الإسلام فقط ؛وما دونه فهو دين معلو عليه يؤخذ على أصحابه الجزية عن يد وهم صاغرون .
2ومنها: أنه إذا زالت الفتنة ،وقيام أهلها ضد الدعوة الإسلاميةوذلك ببذل الجزيةفإنهم لا يقاتلون .
3ومنها: أنهم إذا انتهواإما عن الشرك: بالإسلام ؛وإما عن الفتنة: بالاستسلامفإنه لا يعتدى عليهم ؛لقوله تعالى:{فإن انتهوا فلا عدوان إلا على الظالمين} .
4ومنها: أن الظالم يجازى بمثل عدوانه ؛لقوله تعالى:{فلا عدوان إلا على الظالمين}؛وقد قلنا فيما سبق: إن مثل هذا التعبير يراد به المماثلة بالفعليعني: أن تسمية المجازاة اعتداءً من باب المشاكلة حتى يكون الجزاء من جنس العمل .