/م190
{ وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة} عطف على ( قاتلوا ) في الآية الأولى فتلك بينت بداية القتال وهذه بينت غايته ، وهي:ألا يوجد شيء من الفتنة في الدين ، ولهذا قال الأستاذ الإمام:أي حتى لا تكون لهم قوة يفتنونكم بها ويؤذونكم لأجل الدين ويمنعونكم من إظهاره أو الدعوة إليه{ ويكون الدين لله} وفي سورة الأنفال:{ ويكون الدين كله لله} ( الأنفال:29 ) أي يكون دين كل شخص خالصا لله لا أثر لخشية غيره فيه ، فلا يفتن لصده عنه ولا يؤذى فيه ، ولا يحتاج فيه إلى الدهان والمداراة ، أو الاستخفاء أو المحاباة ، وقد كانت مكة إلى هذا العهد قرار الشرك ، والكعبة مستودع الأصنام ، فالمشرك فيها حر في ضلالته ، والمؤمن مغلوب على هدايته ، قال{ فإن انتهوا} أي في هذه المرة كما كانوا عليه{ فلا عدوان إلا على الظالمين} أي فلا عدوان عليهم لأن العدوان إنما يكون على الظالمين تأديبا لهم ليرجعوا عن ظلمهم ، ففي الكلام إيجاز بالحذف ، واستغناء عن المحذوف بالتعليل الدال عليه .ويجوز أن يكون المعنى فإن انتهوا عما كانوا عليه من القتال والفتنة فلا عدوان بعد ذلك إلا على من كان منهم ظالما بارتكابه ما يوجب القصاص .أي فلا يحاربون عامة وإنما يؤخذ المجرم بجريمته .
ثم زاد تعليل الإذن بالقتال بيانا ببيانه على قاعدة عادلة معقولة فقال تعالى:{ الشهر الحرام بالشهر الحرام والحرمات قصاص فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم واتقوا الله واعلموا أن الله مع المتقين 194 وأنفقوا في سبيل الله ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة وأحسنوا إن الله يحب المحسنين 195} .
/خ195