قوله: ( يمحق الله الربا ويربي الصدقات ) ( يمحق ) بمعنى يبطل ويمحو .ومنه تمحّق وامتحق .والمُحاق من الشهر بالضم ،برد به الأيام الثلاثة من آخره{[362]} ومحقه الله ذهب ببركته .والمقصود من الآية أن الله يذهب ببركته الربا وإن كان كثيرا .والمحق الذي يصيب الربا إما أن يأتي عليه بالكلية وإما أن يذهب الله بالبركة ليكون هزيلا في الدنيا مع ما ينتظر صاحبه من عذاب في الآخرة .وفي إنقاص الربا وإذهاب بركته روى الإمام أحمد في مسنده عن ابن مسعود أن النبي ( ص ) قال:"إن الربا وإن كثر فإن عاقبته تصير إلى قلّ ".
وروى ابن ماجه عن ابن مسعود عن النبي ( ص ) أنه قال:"ما أحد أكثر من الربا إلا كان عاقبة أمره إلى قل ".
ولئن كان الربا يمحقه الله ويذهب ببركته وبيده تبديدا ،فإن الصدقات يربيها الله .أي يكثرها وينميها ويجعل فيها البركة في الدنيا .وفي الآخرة يضاعف لصاحبها الأجر حتى يكون أضعافا كثيرة .وفي ذلك أخرج البخاري عن أبي هريرة قال: قال رسول الله ( ص ):"من تصدق بعدْل تمرة من كسب طيب ،ولا يقبل الله إلا الطيب ،فإن الله يتقبلها بيمينه يربيها لصاحبها كما يربي أحدكم فلوّه حتى يكون مثل الجبل ".
وفي رواية أخرى لأبي هريرة أن الرسول ( ص ) قال:"إن الله عز وجل يقبل الصدقة ويأخذها بيمنه فيربيها لأحدكم كما يربي أحدكم مهره أو فلوّه حتى أن اللقمة لتصير مثل أحد ".
قوله: ( والله لا يحب كل كفار أثيم ) الكفار معناه الجحود الذي ينكر نعمة الله عليه .وهذا التعقيب في الوصف يناسب حال الجشعين الفسقة الذين يأكلون الربا .وهؤلاء صنف جاحد بطر من الناس لا يرضي بالحلال من الطعام أو المال مما ارتضاه له الله ،بل إنه يُعرض في إدبار وتمرد ليستبيح لنفسه الجاحدة الطامعة ما حرمه الله عليه من أموال الناس فهو بذلك مخالف لشرع الله فاسق عن أمره ،أثيم .