قوله: (قال يا آدم أنبئهم بأسمائهم(أمر الله في ذلك آدم أن يدل الملائكة على أسمائهم أنفسهم وعلى أسماء الأشياء على اختلافها وتعددها ،وذلك ليعلموا أن آدم لذو شأن عظيم ولسوف يكون من نسله أناسي كرام وأفراد أفذاذ يقفون على القمة الرفيعة من السداد والاستقامة والفصل .
وقوله: (فلما أنبأهم بأسمائهم قال ألم أقل لكم إني أعلم غيب السماوات والأرض وأعلم ما تبدون وما كنتم تكتمون (كان إنباء آدم للملائكة عن أسمائهم وأسماء الأشياء المختلفة الأخرى ،مبعث إعجاب الملائكة أنفسهم لهذا الكائن العظيم الجديد الذي ما كانوا يعرفونه من قبل حق المعرفة إلى أن كشف الله لهم عن شأنه واعتباره حتى سألهم الله: (ألم أقل لكم إني ...(أي ألم أكن قد بينت لكم من قبل أني أعلم بالغيب ،غيب السماوات والأرض ،وأن شيئا فيهما لا يخفى على أمره وأن ما سيقع من أمور وأحداث بدءا بالهيئات منها حتى الجسام الفوادح فإني علام بذلك كله ،وكذلك فإني عليم بما تظهرونه من أقوال وأمور وقضايا ،وعليم كذلك بما تبطنونه من أخبار وأسرار تظل خبيئة النفوس والنوايا ،وقيل في معنى هذا الشطر من الآية: إن الله عليم بحقيقة ما أبدوه وهو قولهم: (أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء (وأن مآل هذا القول ليس كما تحسبه الملائكة أو تتصوره ،أما الشطر الأخير من الآية وهو (وما كنتم تكتمون (أي أن الله عليم بما كانت الملائكة تتصوره وهو أن الله سبحانه لن يخلق أحدا أعلم منهم أو أعظم منهم فضلا ،وقيل غير ذلك والله جل وعلا أدرى وأعلم .