{ قال يا آدم أنبئهم بأسمائهم} فكان الإنباء كما أراد الله تعالى وذكره لأجل ترتيب الحكم عليه بقوله{ فلما أنبأهم بأسمائهم قال} الله تعالى للملائكة .
{ ألم أقل لكم إني أعلم غيب السموات والأرض} ومن كان هذا شأنه فلا يخلق شيئا سدى ولا يجعل الخليفة في الأرض عبثا{ وأعلم ما تبدون وما كنتم تكتمون} والذي يبدونه هو ما يظهر أثره في نفوسهم ، وأما ما يكتمون فهو ما يوجد في غرائزهم وتنطوي عليه طبائعهم .
وقد علم مما تقدم أن كل هذه الأقوال والمراجعات والمناظرات يفوض السلف الأمر إلى الله تعالى في معرفة حقيقتها ، ويكتفون بمعرفة فائدتها ، وحكمتها ، وقد تقدم بيان ذلك .وأما الخلف فيلجاون إلى التأويل ، وأمثل طرقه في هذا المقام التمثيل ، وقد مضت سنة الله في كتابه بأن يبرز لنا الأشياء المعنوية ، في قوالب العبارة اللفظية ، ويجلى لنا المعارف المعقولة ، بالصور المحسوسة ، تقريبا للأفهام ، وتسهيلا للإعلام ، ومن ذلك أنه عرفنا بهذه القصة قيمة أنفسنا ، وما أودعته فطرتنا ، مما نمتاز على غيرنا من المخلوقات ، فعلينا أن نجتهد في تكميل أنفسنا بالعلوم التي خلقنا مستعدين لها من دون الملائكة وسائر الخلق لتظهر حكمة الله فينا ، ولعلنا نشرف على معنى إعلام الله الملائكة بفضلنا ، ومعنى سجودهم لأصلنا{ 24:35 ويضرب الله الأمثال للناس لعلهم يتفكرون}