قوله: ( يوم ترونها تذهل كل مرضعة عما أرضعت ) ( يوم ) ،ظرف منصوب .بما بعده ( تذهل ) أي تذهل في ذلك اليوم ،و ( تذهل ) من الذهول وهو النسيان والغفلة{[3068]} ،أو هو الذهاب عن الأمر في دهشة .والمعنى: أن كل والدة ذات رضيع تنسى وتترك ولدها التي ألقمته ثديها .وقيل: ما ،مصدرية ؛أي تذهل عن الإرضاع لفظاعة الزلزلة وشدة اندكاك الأرض من هولها .وكذلك تضع المرأة الحامل جنينها ليندلق ساقطا على الأرض من فداحة الخطب المريع وجلل الزلزلة التي تغشى القلوب والعقول والأبدان .
قوله: ( وترى الناس سكارى وما هم بسكارى ) أي ترى الناس يا محمد من عظيم ما نزل بهم من الكرب سكارى .وذلك من فرط ما غشيهم من الذعر والفزع .وهم ليسوا سكارى من شرب الخمر ( ولكن عذاب الله شديد ) وهذا تعليل لما سبق ذكره من ظواهر رهيبة تقع بين يدي الساعة ،ومنها ذهول النساء المرضعات عن أولادهن الرضع فيغفلن عنهم لانشداه عقولهن وقلوبهن .وكذلك الحوامل يضعن ما في بطونهن من فرط الخوف وشدة الصدمة ،والناس ؛إذ ذاك مذعورون واجمون حائرون سكارى .وهم في الحقيقة ليسوا سكارى من الشراب بل من فظاعة ما يجدونه من الشدائد وهول ما ينزل بالبشرية من القوارع والبلايا .{[3069]}