قوله: ( وإذا تتلى عليهم آياتنا بينات تعرف في وجوه الذين كفروا المنكر ) إذا سمع المشركون السفهاء آيات القرآن تتلى عليهم ( بينات ) منصوب على الحال ؛أي ظاهرات الدلائل ،واضحات الحجج على أن الله حق وأنه سبحانه حقيق وحده بكامل العبادة والإفراد بالإلهية ،وأن ما جاءهم به الإسلام لهو الصواب والرشاد ( تعرف في وجوه الذين كفروا المنكر ) تغشى وجوه المشركين السفهاء علائم المنكر وهو الغضب والعبوس والإنكار لفرط نكيرهم وضيقهم بهذا الحق .وهذه صفة المجرمين الحاقدين من أعداء الإسلام في كل زمان أولئك الذين يكيدون للإسلام ويبالغون في كراهيته والنفور منه ،لفساد قلوبهم وسوء فطرتهم التي أتى عليها التشويه والتلويث والمرض .أولئك لفرط كراهيتهم للإسلام ،إذ سمعوا آياته تتلى عليهم تقطعت قلوبهم غيظا وحنقا ،فاستبان ذلك على وجوههم التي غشيها التجهم ،والتعبس والكلوح .
قوله: ( يكادون يسطون بالذين يتلون عليهم آياتنا ) ( يسطون ) ،من السطو .وهو القهر بالبطش{[3145]} ؛أي يهمون بالبطش والتنكيل بالذين تلوا عليهم آيات الله ،تعظيما لإنكار ما خوطبوا به .
قوله: ( قل أفأنبئكم بشر من ذلكم النار ) أمر الله نبيه أن يقابلهم بالوعيد من القول الذي فيه ترعيب لهم وتنكيل بنفوسهم التي طغى عليها الجحود واللؤم ومحض البوار ،وهو قوله لهم: أفأنبئكم أيها المشركون بما هو أعظم كراهية لكم من هؤلاء الذين تغتاظون من قراءتهم القرآن عليكم ( النار وعدها الله الذين كفروا وبئس المصير ) ( النار ) ،مرفوع على أنه خبر لمبتدأ محذوف ،والتقدير: هي النار .أو مبتدأ ،والجملة الفعلية ( وعدها الله ) خبر المبتدأ{[3146]} ؛أي أن النار شر مما كرهوه وتغيظوا من سماعه ؛فقد وعدها الله هؤلاء المكذبين العتاة ؛فهي مردهم ومأواهم وبئس ما يصيرون إليه{[3147]} .