{يَسْطُونَ}: يبطشون .قال في المجمع: «السطوة: إظهار الحال الهائلة للإخافة ،يقال: سطا عليه يسطو سطوة ،سطا به ،والإنسان مسطوّ به .والسطوة والبطشة بمعنى »[
{وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ} دون لبس أو غموض ،وبوضوح يطل على الحقيقة ،فإذا بالكافرين ،بدلاً من الانفتاح على تلك الآيات ونتيجة العقدة النفسية الخانقة التي تضغط عليهم ،يقفون حيارى بين إشراق الحقيقة على الفكر والروح وبين ظلمات ماضيهم وواقعهم ،فيحاولون الهرب من هذا الصراع الداخلي بمواجهة المؤمنين الذين أحرجوهم وحاصروهم بالحقّ القادم من وحي الله ،فإذا كانت المواجهة ،برزت في ملامحهم هذه الصورة ،{تَعْرِفُ في وُجُوهِ الَّذِينَ كَفَرُواْ الْمُنْكَرَ} الذي يستبطن الرغبة في العدوان والتدمير ،ويعبّر عن الحقد والكراهية ،ونحو ذلك من المعاني التي تختزنها كلمة المنكر في مضمونها وإيحاءاتها ،{يَكَادُونَ يَسْطُونَ بِالَّذِينَ يَتْلُونَ عَلَيْهِمْ آياتُنَا} ويهجمون عليهم في عملية استعراض للقوّة لإخافتهم وإلحاق الهزيمة النفسية بهم ،ليتخلصوا منهم ومن مواقفهم الإيمانية ومن هذا الجوّ الداخلي الذي يثيرونه فيهم ويعتبرونه شراً ،باعتبار أنه يبعدهم عن عقيدة الآباء .
{قُلْ أَفَأُنَبِّئُكُم بِشَرٍّ مِّن ذلِكُمُ} الذي تحسبونه شرّاً ،لتوازنوا بينه وبين ما يعدكم الله به يوم القيامة من عذاب ،لتتخذوا الموقف على ضوء دراسة واعية تقارب بين موقفين: ترك عبادة ما تدعون من دون الله ،أو النار ،لتختاروا أهونهما على مستوى المصير ،{النَّارُ وَعَدَهَا اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُواْ} جزاءً على كفرهم الذي لا يرجعون فيه إلى حجة ولا ينطلقون فيه من موقع علم ،{وَبِئْسَ الْمَصِيرُ} الذي اختاروه لأنفسهم اتباعاً للأهواء والشهوات ،في ما تقودهم إليه من الانحراف عن خط الله .