قوله: ( قالوا سبحانك ما كان ينبغي لنا أن نتخذ من دونك أولياء ) ( سبحانك ) ،ننزهك عن الأنداد والشركاء .ما كان يصح لنا ولا يستقيم أن نحمل أحدا على عبادتنا دونك بل أنت المعبود دون سواك ،ونحن لك عابدون مستسلمون .وذلك إعلان منهم على رؤوس الأشهاد يوم القيامة أنهم مبرأون من إضلال المشركين ،مستعيذين بالله أن يكونوا من المضلين .
قوله: ( ولكن متعتهم وآباءهم حتى نسوا الذكر ) لكن ،حرف استدراك .فقد ذكروا سبب ضلال هؤلاء المشركين ،هو أنك يا ربنا متعتهم وآباءهم بالأموال والأولاد وأعطيتهم ما راموا من نعم الحياة الدنيا حتى أوغلوا في الشهوات والملذات فانشغلوا بذلك عن ذكر الله وعن منهجه ودينه ( وكانوا قوما بورا ) ( بورا ) .جمع بائر .وقيل: مصدر في الأصل ،فيستوي فيه المفرد والمثنى والجمع والمذكر والمؤنث .وهو من البوار ومعناه الهلاك .وقيل: من الفساد .وقال الحسن البصري: هو من قولهم: أرض بور ؛أي لا نبات بها .وهو يرجع إلى معنى الهلاك والفساد وهذه حقيقة المجرمين أولي الطبائع الملتوية ،الذين فسدت فيهم الفطرة أيما فساد فباتوا لا يتقبلون الحق أو الصواب ولا يروق ؛لأنفسهم منهج الله المستقيم وإنما تروق لهم مناهج الباطل والضلال .مناهج الكفر والظلم والزيغ عن سواء السبيل .وأولئك هم الضالون الذين أعطيت فيهم النفس والفطرة فانقلبوا منكوبين بورا لا خير فيهم ولا يرتجى لهم الصلاح والسداد .