وقوله في هذه الآية الكريمة{حَتَّى نَسُواْ الذّكْرَ} الظاهر أن معنى نسوا تركوا .والأظهر أن الذكر هو ما جاءت به الرسل من التوحيد ،وقيل ذكر الله بشكر نعمه ،والأصح أن قوله بوراً معناه هلكى ،وأصله اسم مصدر يقع على الواحد وعلى الجماعة ،فمن إطلاقه على الجماعة قوله هنا{وَكَانُواْ قَوْماً بُوراً} وقوله في سورة الفتح{وَظَنَنتُمْ ظَنَّ السَّوْء وَكُنتُمْ قَوْماً بُوراً} [ الفتح: 12] ومن إطلاقه على المفرد قول عبد الله بن الزبعري السهمي رضي الله عنه .
يا رسول المليك إن لساني*** راتق ما فتقت إذ أنا بور
ويطلق البور على الهلاك .وعن ابن عباس أنها لغة أهل عمان ،وهم من أهل اليمن ،ومنه قول الشاعر:
فلا تكفروا ما قد صنعنا إليكم ***وكافوا به فالكفر بور لصانعه
واعلم أن ما ذكره الزمخشري في هذه الآية ،وأطنب فيه من أن الله لا يضل أحداً مذهب المعتزلة ،وهو مذهب باطل وبطلانه في غاية الوضوح من كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم ،فإياك أن تغتر به ،وما ذكر عن الحسن البصري ،ومالك ،عن الزهري من أن معنى بوراً لا خير فيهم له وجه في اللغة العربية ،ولكن التحقيق أنه ليس معنى الآية ،وأن معنى بوراً هلكى كما تقدم ،والعلم عند الله تعالى .