قوله:{وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلَا تَخَافِي وَلَا تَحْزَنِي إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ ( 7 ) فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَنًا إِنَّ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا كَانُوا خَاطِئِينَ ( 8 ) وَقَالَتِ امْرَأَةُ فِرْعَوْنَ قُرَّتُ عَيْنٍ لِّي وَلَكَ لَا تَقْتُلُوهُ عَسَى أَن يَنفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ} .
ذكر أن فرعون كان له ناس وقوابل يدرون على النساء حتى إذا رأوا إحداهن قد حملت أحصوا اسمها ،فإذا كانت ولادتها لا يقوم بتوليدها إلا نساء قوابل من نساء القبط فإن ولدت جارية تركنها ،وإن ولدت غلاما دخل عليها الذباحون وبأيديهم الشفار فذبحوه مضوا .
وقد ذكر أن فرعون ذبح في طلب موسى سبعين ألفا من مواليد بني إسرائيل الذكور .وقيل: تسعون ألفا .ولما حملت أم موسى به لم تظهر عليها علائم الحمل كغيرها من النساء .فلما وضعته ذكرا ضاقت به ذرعا ،وخافت عليه خوفا شديدا وأحبته حبا عظيما ،وكان موسى –عليه السلام- لا يراه أحد إلا أحبه حبا شديدا ،وما كان يحبه إلا سعيد ،فقد قال سبحانه:{وألقيت عليك محبة مني} ولما ضاقت أم موسى به ذرعا وغشيها من الخوف عليه ما غشيها ،ألهمها الله ونفث في روعها أن ترضعه ثم تلقيه في اليم إن خافت عليه من جنود فرعون .وهو قوله:{وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلَا تَخَافِي وَلَا تَحْزَنِي إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ} الوحي من الله إلى أم موسى ليس وحي نبوة ؛فقد أجمعوا على أن أم موسى لم تكن نبية .بل كان ذلك إلهاما من الله لها ؛فقد قذف في قلبها أو ألقى في خلدها{[3476]} ونفث في روعها{[3477]} ما ذكره في الآية ؛فقد أمرها الله إلهاما أو نفثا في الروع بأن توضع ولدها موسى وأن تلقيه في بحر النيل إن خشيت عليه من جنود فرعون عقب الولادة ،وأمرها أيضا أن لا تخاف عليه من الغرق في الماء أو الضيعة .