قوله تعالى:{وأوحينا إلى أم موسى أن أرضعيه فإذا خفت عليه فألقيه في اليم ...} الآية [ القصص: 7] ،هي من معجزات الإيجاز ،لاشتمالها على أمرين ،ونهيين ،وخبرين ،متضمنين بشارتين ،في أسهل نظم ،وأسلس لفظ ،وأوجز عبارة({[479]} ) .
فإن قلتَ: ما فائدة وحي الله تعالى إلى ( أم موسى ) بإرضاعه ،مع أنها ترضعه طبعا ،وإن لم تُؤمر بذلك ؟
قلتُ: أمرها بإرضاعه ليألف لبنها ،فلا يقبل ثدي غيرها ،بعد وقوعه في يد فرعون ،فلو لم يأمرها به ،ربما كانت تسترضع له مرضعة ،فيفوت المقصود({[480]} ) .
قوله تعالى:{فإذا خفت عليه فألفيه في اليم ولا تخافي ولا تحزني ...} [ القصص: 7] .
إن قلتَ: جواب الشرط لا يجامعه ،وجوابه هنا: الإلقاء وعدم الخوف ،فكلّ منهما يجامعه ،فيصدق بقوله: فإذا خفت عليه فلا تخافي عليه ،وذلك تناقض ؟
قلتُ: معناه فإذا خفت عليه القتل ،فألقيه في اليمّ ،ولا تخافي عليه الغرق ،فلا تناقض .
فإن قلتَ: ما الفرق بين الخوف والحزن ،حتى عُطف أحدهما على الآخر في الآية ؟
قلتُ: الخوف غمّ يصيب الإنسان ،لأمر يتوقعه في المستقبل ،والحزن: غمّ يصيبه لأمر وقع ومضى .