قوله تعالى: ( وإذ غدوت من أهلك تبوئ المؤمنين مقاعد للقتال والله سميع عليم إذ همت طائفتان منكم أن تفشلا والله وليهما وعلى الله فليتوكل المؤمنون ) .
نزلت هذه الآية في غزوة أحد وهو قول الجمهور من العلماء .فكان المشركون قد قصدوا المدينة في ثلاث آلاف رجل ليأخذوا بثأرهم في يوم بدر ،فنزلوا عن أحد على شفير الوادي مقابل المدينة .وكان ذلك في الأربعاء في الثاني عشر من شوال سنة ثلاث من الهجرة .وقد رأى النبي صلى الله عليه و سلم في منامه أن في سيفه ثلمة وأن بقرا له تذبح وأنه أدخل يده في درع حصينة .فتأولها أن نفرا من أصحابه يقتلون وأن رجلا من أهل بيته يصاب وأن الدرع الحصينة المدينة .
قوله: ( وإذ غدوت من أهلك ) يعني واذكر إذ خرجت في الصباح من منزلك من عند عائشة ( تبوئ المؤمنين مقاعد للقتال ) أي تنزلهم وتهيء لهم .بوأته منزلا وبوأت له منزلا أي أنزلته فيه ،وتبوأ منزلا أي نزله ،والمباءة والباءة بمعنى التنازل ،والجملة الفعلية ( تبوئ المؤمنين ) في محل نصب على الحال .والمعنى: اذكر إذ خرجت من منزل أهلك تتخذ للمؤمنين مقاعد للقتال ،أي أماكن يقعدون فيها .
قوله: ( والله سميع عليم ) أي أن الله سميع لما قاله المؤمنون للرسول صلى الله عليه و سلم فيما شاورهم فيه من موضع لقاء العدو ،فمن قائل: اخرج بنا إليهم حتى نلقاهم خارج المدينة ،ومن قائل له: لا تخرج إليهم وأقم بالمدينة حتى يدخلوها علينا ،ومما يشير عليهم الرسول صلى الله عليه و سلم بأصلح الآراء وغير ذلك من أمرك وأمورهم .