قوله: ( إن تمسسكم حسنة تسؤهم وإن تصبكم سيئة يفرحوا بها ) هذه واحدة من الأوصاف الذميمة للمنافقين .هؤلاء الذين يتربصون بالإسلام والمسلمين الدوائر ويرجون لهم كل وجوه الشر والضر ،كالهموم والمنون والمضانكة إلى غير ذلك من ألوان الكرب والضيق والفقر والمرض والهزيمة ،لكنهم يستاءون لما يصيب المسلمين من وجوه الخير والبركة ما بين نصر الإسلام وعلو شأنه ومكانته .وما يكتبه الله للمسلمين من الاستعلاء والائتلاف والعافية والخصب ،وكثرة الأموال والثمرات وازدياد الأنفس والجموع المؤمنة .
قوله: ( وإن تصبروا وتتقوا لا يضركم كيدهم شيئا ) يعني إن تصبروا على طاعة الله وعن معصيته فتجتنبوا نواهيه ولا تتخذوا لكم بطانة من الكافرين والمنافقين فسوف لا يضركم كيدهم شيئا .والمراد بالكيد المكر والخبث وما يبتغيه لكم هؤلاء من غوائل ومفاسد وشرور .و ( شيئا ) نائب مفعول مطلق محذوف .
قوله: ( إن الله بما يعملون محيط ) ذلك من مجاز الله .والمقصود بالإحاطة أنه عالم بما يعمله هؤلاء الكافرين في المسلمين من فساد وصد عن سبيل الله ،وهو تعالى حافظ لكل ما يجري من قول أو فعل ولا يعزب عنه شيء من ذلك{[574]} .وفي ذلك من إيقاظ للحس والخيال ،وتنشيط للذهن والقلب ما يجعل المرء دائب الوعي والتبصر والرهافة ،ذلكم الإنسان البصير الذي يعي حقيقة الإحاطة الربانية لكل ما حواه الوجود من شيء وموجود .