/م121
قال تعالى:{ وإذ غدوت من أهلكج أي واذكر بعد هذا يا محمد إذ خرجت من بيت أهلك غدوة وذلك سحر يوم السبت سابع شوال من سنة ثلاث للهجرة{ تبوئ المؤمنين مقاعد للقتال} ، أي توطنهم وتنزلهم أماكن ومواضع في الشعب من أُحد لأجل القتال فيها .فمنها موضع للرماة وموضع للفرسان وموضع لسائر المؤمنين .فالمقاعد جمع مقعد وهو في الأصل مكان القعود كالمجلس لمكان الجلوس والمقام لمكان القيام ، ثم استعملت هذه الألفاظ كلها بمعنى المكان توسعا .وقيل:تبوئة المقاعد تسويتها وتهيئتها .{ والله سميع عليم} لم يخف عنه شيء مما قيل في مشاورتك لمن معك في أمر الخروج إلى لقاء المشركين في أُحد أو انتظارهم في المدينة ، فهو قد سمع أقوال المشيرين وعلم نيّة كل قائل ، وأن منهم المخلص في قوله وإن أخطأ في رأيه كالقائلين بالخروج إليهم ، ومنهم غير المخلص في قوله وإن كان صوابا كعبد الله ابن أبي ومن معه من المنافقين .ويصح أن يكون الوصفان الكريمان متعلقا للظرف في الآية التالية كما نبينه في تفسيرها .
وذهب ابن جرير إلى أن الخطاب في هذه الآية للنبي والمراد به أصحابه يضرب لهم مثلا أو مثلين على صدق وعده في الآية السابقة:{ وإن تصبروا وتتقوا لا يضركم كيدهم شيئا} بتذكيرهم بما كان يوم أحد من وقوع المصيبة بهم عند ترك الرماة الصبر والتقوى- وذنب الجماعة أو الأمة لا يكون عقابه قاصرا على من اقترفه بل يكون عاما – وبما كان يوم بدر إذ نصرهم على قلتهم وذلتهم ، وهذا الرأي يتفق مع ما ذكرناه في وجه الاتصال بين الآيات .