قوله: ( ها أنتم هؤلاء حاججتم فيما لكم به علم ) ها أداة تنبيه .أنتم مبتدأ ( هؤلاء ) خبره حاججتم أي جادلتم وخاصمتم .وهذا بيان لمدى الحماقة التي تغشى عقول هؤلاء المكابرين الضالين .ذلك أنهم إذا كانوا يحاجون ( يخاصمون ) فيما علموه مما ذكرته التوراة والإنجيل فلم المحاججة والخصام فيما لا يعلمونه مما ليس له ذكر في هذين الكتابين .لا جرم أن خصامهم في ذلك غاية في الحماقة والصلف والضلال ومجانبة الصواب .
ولقد كان أجدى لهؤلاء المكابرين الحمقى- لو أنهم أخلصوا النية في الحجاج- أن يخاصموا فيما هو مستبين لهم في كتبهم وأن يدعوا ما يعلموه لأمر الله لكي يحكم فيه بما يشاء ،والله جلت قدرته أعلم بما ينفع الناس وما يصلح عليه شأن البشر ؛لأنه العليم بكل شيء الخبير بالأسرار والأستار ،بل إنه عز وعلا يستوي في علمه ما كان خافيا أو معلنا ؛ولهذا قال: ( والله يعلم وأنتم لا تعلمون ) .