قوله تعالى:{يَا بُنَيَّ إِنَّهَا إِن تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ فَتَكُن فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَاوَاتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ ( 16 ) يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ ( 17 ) وَلاَ تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلاَ تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّ اللَّهَ لاَ يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ ( 18 ) وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِن صَوْتِكَ إِنَّ أَنكَرَ الْأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ} .
هذه جملة وصايا جيدة وسديدة أخبر الله بها عن لقمان ؛إذ أوصى بها ابنه ؛لتكون تذكرة وعبرة للناس .لا جرم أنها وصايا نافعة وجليلة ومؤثرة ،حقيقة بدوام التفكر والتدبر .
والضمير في قوله:{إنها} يراد المعصية والخطيئة .يعني إن تكن المعصية في بساطتها في وزن الحبة من الخردل وهي غاية الصغر{فَتَكُن فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَاوَاتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ} يعني إن تكن هذه الخطيئة الصغيرة التي في وزن الخردلة مخبوءة في جوف صخرة لا يدري بها أحد من الخلق ،أو تكن مستورة في أطواء السماء أو في طباق الأرض أو مجاهل الفضاء{يَأْتِ بِهَا اللَّهُ} أي يظهرها الله يوم القيامة حينما يضع الموازين القسط ،فيجازي كلا من عباده بما عمل إن خيرا فخيرا وإن شرا فشرا .
قوله:{إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ} الله لطيف لا تخفى عليه الخوافي ،مهما دقت وصغرت .نقول: لطف الشيء أي صغر فهو لطيف{[3650]} و{خَبِيرٌ} أي عليم بكل شيء .