قوله تعالى:{فَلَمَّا قَضَيْنَا عَلَيْهِ الْمَوْتَ مَا دَلَّهُمْ عَلَى مَوْتِهِ إِلاَّ دَابَّةُ الْأَرْضِ تَأْكُلُ مِنْسَأَتَهُ فَلَمَّا خَرَّ تَبَيَّنَتِ الْجِنُّ أَنْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ مَا لَبِثُوا فِي الْعَذَابِ الْمُهِينِ} .
لما حكم الله بالموت على نبيه سليما وأنفذه فيه لم تعلم الجن بموته بل ظلوا مسخرين في الأعمال الشاقة كالبنايات وغيرها .ولما أدركوا أنه قد مات كفّوا عن العمل .
قوله:{مَا دَلَّهُمْ عَلَى مَوْتِهِ إِلاَّ دَابَّةُ الْأَرْضِ} أي ما دلّ الجن على موت سليمان إلا دابة الأرض وهي الأرَضَة ،بفتح الهمزة والراء .والمراد بها دويبة تأكل الخشب ونحوه وتسمى أيضا سوسة الخشب .
قوله:{تَأْكُلُ مِنْسَأَتَهُ}{تَأْكُلُ} ،جملة فعلية من موضع نصب على الحال أو مستأنفة{[3796]} والمنسأة ،العصا ،اسم آلة .من نسأت البعير إذا طردته ؛لأنها يطرد بها .أي لم يُعلمهم بموت سليمان غير الأرضية ؛إذ أكلتْ منسأته التي كان متوكئا عليها فسقط على الأرض .وبذلك استبان لهم أنه ميت وهو قوله:{فَلَمَّا خَرَّ تَبَيَّنَتِ الْجِنُّ أَنْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ مَا لَبِثُوا فِي الْعَذَابِ الْمُهِينِ} أي لما سقط سليمان على الأرض وعلمت الجن بعد التباس الأمر عليهم أن سليمان قد مات تبين لهم أنهم لا يعلمون الغيب كما كانوا يتوهمون الناس بذلك ،ولو كانوا يعلمون الغيب فعلموا بموت سليمان لما لبثوا بعد موته في الأعمال الشاقة{[3797]} .