قوله:{فلما بلغ معه السعي} أي العمل .وقيل: المشي ،والمراد: أنه بلغ مع أبيه المبلغ الذي يسعى معه في أمور دنياه معينا له على أعماله ،أو أنه كبر وترعرع وصار يذهب مع أبيه .
قوله:{قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ مَاذَا تَرَى} رأى إبراهيم في منامه أنه مأمور بذبح ولده إسماعيل ؛وذلكم ضرب من ضروب الوحي فقد كانت الرسل يأتيهم الوحي من الله تعالى إيقاظا ورقودا ؛فإن الأنبياء لا تنام قلوبهم وإن كانت تنام أعينهم .قال ابن عباس: رؤيا الأنبياء وحي ،واستدل بهذه الآية .وقد أعلم إبراهيم ابنه إسماعيل بذلك ؛ليكون أهون عليه وليختبر صبره وجلده وعزمه في صغره على طاعة الله تعالى .فبادر الولد الكريم المبرور ،للإجابة بالطاعة دون تردد أو تلعثم وهو قوله:{يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ} أي امض لما أمرك الله من ذبحي{سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ} أي سأصبر وأحتسب ذلك عند الله جل وعلا .كذلك كان جواب إسماعيل .هذا التقي الزكي المختار ،الذي فاق ببالغ عزمه وعظيم إرادته وروعة طبعه المفضال كل آفاق الذهن والخيال فكان مثالا لا يبلغه إلا الرفّافون الأبرار من النبيين الأخيار والصِّدِّيقين الأطهار وحَسْب .صلى الله على إسماعيل وأبيه وسائر النبيين والمرسلين صلاة وسلاما إلى يوم البعث والدين .