وقوله:( فلما بلغ معه السعي ) أي:كبر وترعرع وصار يذهب مع أبيه ويمشي معه . وقد كان إبراهيم - عليه السلام - يذهب في كل وقت يتفقد ولده وأم ولده ببلاد "فاران "وينظر في أمرهما ، وقد ذكر أنه كان يركب على البراق سريعا إلى هناك ، فالله أعلم .
وعن ابن عباس ومجاهد وعكرمة ، وسعيد بن جبير ، وعطاء الخراساني ، وزيد بن أسلم ، وغيرهم:( فلما بلغ معه السعي ) يعني:شب وارتحل وأطاق ما يفعله أبوه من السعي والعمل ، ( فلما بلغ معه السعي قال يا بني إني أرى في المنام أني أذبحك فانظر ماذا ترى ) قال عبيد بن عمير:رؤيا الأنبياء وحي ، ثم تلا هذه الآية:( قال يا بني إني أرى في المنام أني أذبحك فانظر ماذا ترى )
وقد قال ابن أبي حاتم:حدثنا علي بن الحسين بن الجنيد ، حدثنا أبو عبد الملك الكرندي ، حدثنا سفيان بن عيينة ، عن إسرائيل بن يونس ، عن سماك ، عن عكرمة ، عن ابن عباس قال:قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:"رؤيا الأنبياء في المنام وحي "ليس هو في شيء من الكتب الستة من هذا الوجه .
وإنما أعلم ابنه بذلك ليكون أهون عليه ، وليختبر صبره وجلده وعزمه من صغره على طاعة الله تعالى وطاعة أبيه .
( قال يا أبت افعل ما تؤمر ) أي:امض لما أمرك الله من ذبحي ، ( ستجدني إن شاء الله من الصابرين ) أي:سأصبر وأحتسب ذلك عند الله - عز وجل - . وصدق ، صلوات الله وسلامه عليه ، فيما وعد ; ولهذا قال الله تعالى:( واذكر في الكتاب إسماعيل إنه كان صادق الوعد وكان رسولا نبيا وكان يأمر أهله بالصلاة والزكاة وكان عند ربه مرضيا ) [ مريم:54 ، 55] .