قوله تعالى:{وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّماوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ} .
يبين الله أن الكافرين بجحودهم وتكذيبهم لم يقدروه بما هو أهله من التقدير .وهو قوله:{وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ} أي ما عظّموه حق تعظيمه .تعظيم يليق بكماله وجلاله وعظيم سلطانه .لا جرم أن الله حقيق بالطاعة والعبادة وجميل الثناء والشكران .وهو مستوجب الإفراد بالإلهية والربوبية ليكون له وحده كامل الطاعة والإذعان .ومن لم يؤمن بهذه الحقيقة فعصى ربه أو استكبر عن عبادته أو اتخذ معه آلهة أخرى ،فما عظَّمه بما هو أهله .
قوله:{وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ}{وَالْأَرْضُ} ،مبتدأ مرفوع .و{قَبْضَتُهُ} خبر ،و{جَمِيعًا} ،منصوب على الحال{[3996]} أي الأرض يوم القيامة في إحاطته وملكوته وتحت قدرته وإرادته{وَالسَّماوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ}{مَطْوِيَّاتٌ} من الانطواء وهو الفناء والذهاب .والمراد باليمين هنا القوة والقدرة .وقيل: مطويات ،من الطيِّ وهو ضد النشر .ومطويات بيمينه ؛أي في قدرته .قال ابن عباس في ذلك: ما السماوات السبع والأرضون السبع في يد الله إلا كخردلة في يد أحدكم .
قوله:{سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ} ينزِّهُ الله نفسه ويتعالى علوًّا عظيما عما يشرك به المشركون من اتخاذ الآلهة معه والأنداد{[3997]} .