قوله تعالى: ( ولكل جعلنا موالى مما ترك الوالدان والأقربون والذين عقدت أيمانكم فآتوهم نصيبهم إن الله كان على كل شيء شهيدا ) .
كان المسلمون يتوارثون في أول الإسلام بدافع من أخوة الدين حتى أنم لم يكونوا إذ ذاك ليعبأوا برابطة القربة فنزلت هذه الآية لتنسخ التوارث لأخوة الدين وتفرض أن يكون ذلك لأولي القربى .فالله يقول: ( ولكل جعلنا موالى ) أي ورثة يرثون ما يتركه الآباء والأقارب من أموال .أما الذين تحالفتم معهم بإيمان مغلظة على أن تورثوهم فليس لهم بعد الآن حظ في التوريث بل آتوهم نصيبهم من الوصية .وقيل: نصيبهم من النصيحة والإرشاد والنصرة .والله سبحانه يشهد على كل ما تقومون به من فعل أو قول فاحذروا مخالفة أمره والزموا حدوده وشرعه{[739]} .
قوله: ( والذين عقدت أيمانكم ) قرأها أكثرهم بالألف ،أي ( والذين عاقدت أيمانكم ) مبتدأ ضمن معنى الشرط فوقع خبره مع الفاء ،وهو قوله: ( فآتوهم نصيبهم ) .
والمراد بالذين عاقدت أيمانكم موالي الموالاة .فقد كان الرجل يعاقد الرجل فيقول له: دمي دمك ،وهدمي هِدمك ،وثأري ثأرك ،وحربي حربك ،وسلمي سلمك ،وترثني وأرثك ،وتعقل عني وأعقل عنك ،فيكون للحليف السدس من ميراث الحليف فنسخ بقوله تعالى: ( وأولوا الأرحام بعضكم أولى ببعض ) على أنهم أمروا بالوفاء بالعهود والعقود والحلف الذي كانوا قد تعاقدوا عليه مثل ذلك .وقد روى الإمام أحمد في ذلك عن جبير بن مطعم أن النبي ( ص ) قال:"لا حلف في الإسلام وأيما حلف كان في الجاهلية لم يزده الإسلام إلا شدة "أما بعد ذلك فلا مساغ للتوارة بالحلف كما هو مذهب الحنفية خلافا للجمهور وفيهم الشافعية والحنابلة والمالكية إذ قالوا بعدم التوارث على أساس الحلف .
قوله: ( فآتوهم نصيبهم ) أي من النصرة والنصيحة والمعونة ،وليس المراد فآتوهم نصيبهم من الميراث{[740]} .