قوله تعالى:{كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَالْأَحْزَابُ مِنْ بَعْدِهِمْ وَهَمَّتْ كُلُّ أُمَّةٍ بِرَسُولِهِمْ لِيَأْخُذُوهُ وَجَادَلُوا بِالْبَاطِلِ لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ فَأَخَذْتُهُمْ فَكَيْفَ كَانَ عِقَابِ ( 5 )} .
يبين الله في ذلك حال المشركين السابقين من الأمم الغابرة .وأن هؤلاء المشركين الذين جاءوا من بعدهم قد سلكوا طريقهم في الكفر والزيغ عن منهج الله والصَّدِّ عن دينه .وفي ذلك تسلية من الله لرسوله في تكذيب المشركين من قومه له ،بأن له أسوة في الذين سلفوا من النبيين ؛فقد كذبتهم أممهم وتحزّبوا عليهم بالصدِّ والجحود وهو قوله:{كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَالْأَحْزَابُ مِنْ بَعْدِهِمْ} والأحزاب من بعد نوح ،كقوم عاد وثمود وغيرهم من المكذبين الذين جحدوا ما جاءهم به المرسلون{وَهَمَّتْ كُلُّ أُمَّةٍ بِرَسُولِهِمْ لِيَأْخُذُوهُ} أي همت كل أمة من هذه الأمم الجاحدة برسولهم المبعوث فيهم لهدايتهم{لِيَأْخُذُوهُ} أي ليأسروه أو ليحبسوه ويعذبوه أو ليقتلوه .
قوله:{وَجَادَلُوا بِالْبَاطِلِ لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ} أي خاصموا رسولهم بغير حق ؛بل خاصموه بالشرك والضلال والتكذيب{لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ} أي ليزيلوه .وذلك هو ديدن المشركين المكذبين في كل زمان ،إذ يصطنعون الحجج الفاسدة والمخاصمة الشريرة ليبددوا دعوة الحق والهدى وليزيلوا منهج الله من الأرض أو ليُلْبِسوه على الناس إلباسا فيظل في أذهانهم مشوّها مستهجنا .
قوله:{فَأَخَذْتُهُمْ} أي أهلكت هؤلاء المخاصمين المبطلين بالعذاب{فَكَيْفَ كَانَ عِقَابِ} أي فكيف كان عقابي الذي عاقبتهم به .ألم يروا أنه حق وأنه شديد .وأنتم تمرون على مساكنهم وأرضهم فتعاينون أثر التدمير والعقاب .