{كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَالأَحْزَابُ مِن بَعْدِهِمْ} كقوم عاد وثمود ولوط وغيرهم ،كما كذب هؤلاء{وَهَمَّتْ كُلُّ أُمَّةٍ بِرَسُولِهِمْ لِيَأْخُذُوهُ} فواجهوه بالعناد والتكذيب ،وضغطوا عليه بكل الوسائل ،وعذبوه بما استطاعوا أن يعذبوه به ،ليسقطوا موقفه ،وليضعفوا موقعه ،وليفرّقوا الناس عنه ،{وَجَادَلُوا بِالْبَاطِلِ لِيُدْحِضُواْ بِهِ الْحَقَّ} فاستغلوا كل العوامل النفسية القلقة التي تعيش في وجدان الناس من حولهم ،وتتحرك في مشاعرهم ،لجهة ما يعيشونه من تقديس لعقائد الآباء والأجداد ،وما يرتبطون به من قضايا الحسّ ،وما كانوا يقترحونه من معجزاتٍ على الأنبياء الذين لا يملكون الإتيان بها إلا بإذن الله ،فحكمة الله لا تقتضي الاستجابة لكل مقترحات الناس التعجيزية ،لأن النبي لم يأتِ ليستعرض قدرته الكونية بل جاء ليقدّم رسالته للناس ..وهكذا كان جدالهم بالباطل ،ليسقطوا الحق ،لا ليصلوا إليه ،ظنّاً منهم بأن المرحلة التي يملكون فيها القوّة ستستمر إلى ما لا نهاية ،وأن الموقف لهم في كل المراحل ،ولكن ظنهم ذاك لا صلة له بالواقع ..لأن الله لهم بالمرصاد ،في ما يهيِّئه للمؤمنين من أسباب النصر ،وفي ما ينزله بهم من عقاب ،{فَأَخَذْتُهُمْ فَكَيْفَ كَانَ عِقَابِ} الذي أهلكهم ودمّرهم وتركهم حديثاً لمن بعدهم .