قوله تعالى:{وَالَّذِينَ يُحَاجُّونَ فِي اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مَا اسْتُجِيبَ لَهُ حُجَّتُهُمْ دَاحِضَةٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ ( 16 ) اللَّهُ الَّذِي أَنْزَلَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ وَالْمِيزَانَ وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ قَرِيبٌ ( 17 ) يَسْتَعْجِلُ بِهَا الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِهَا وَالَّذِينَ آَمَنُوا مُشْفِقُونَ مِنْهَا وَيَعْلَمُونَ أَنَّهَا الْحَقُّ أَلاَ إِنَّ الَّذِينَ يُمَارُونَ فِي السَّاعَةِ لَفِي ضَلالٍ بَعِيدٍ} .
ذلك وعيد من الله للمشركين الذين يصدون الناس عن عقيدة التوحيد ،ويفتنون المسلمين عن دين الإسلام .أولئك الظالمون الفتانون حجتهم باطلة وسقيمة وهم هالكون خاسرون .وذلك قوله:{وَالَّذِينَ يُحَاجُّونَ فِي اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مَا اسْتُجِيبَ لَهُ} أي الذين يخاصمون المؤمنين بعد ما استجابوا لله فأسلموا – ويجادلونهم بالحجج الكاذبة الواهية ليضلوهم ويصدوهم عن دينهم ،دين التوحيد والطهر والفضيلة ،دين الإسلام{حُجَّتُهُمْ دَاحِضَةٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ} أي حجتهم عند الله باطلة ؛فهي مستهجنة وزائلة ؛لأنها لا ثبات لها .دحضت الحجة دحضا أي بطلت ،ودحض الرجل أي زلق{[4094]} .
قوله:{وَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ} أي غضب من الله ينزل بهم في الدنيا{وَلَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ} أي يعذبهم الله عذابا شديدا يوم القيامة .
وقيل: إن هؤلاء المشركين الذين جادلوا المؤمنين ليصدوهم عن الإسلام ،قوم توهموا أن الجاهلية تعود .وقيل: المراد بهم أهل الكتاب من اليهود والنصارى فكانت محاجتهم للمسلمين قولهم لهم !نبينا قبل نبيكم وكتابنا قبل كتابكم .وكانوا يرون لأنفسهم الفضيلة على غيرهم ؛لأنهم أهل كتاب وأنهم أولاد النبيين .وكان المشركون من غير أهل الكتاب يقولون للمسلمين: أي الفريقين خير مقاما وأحسن نديًّا فنزلت الآية .