قوله:{ليس على الأعمى حرج ولا على الأعرج حرج ولا على المريض حرج} الحرج معناه الإثم{[4260]} أي لا إثم على هؤلاء المذكورين في التخلف عن الجهاد لما بهم من أعذار أو زمانة تمنع من الكر والفر مما يقتضيه فن الحرب في ساحات القتال .
وفي الآية بيان لثلاثة أصناف من المعذورين وهم: الأعمى ،فإنه لا يستطيع مزاولة الجهاد أو الإقدام على العدو ولا يمكنه الاحتراز والحذر .
ثم الأعرج ،الذي يعجزه العرج عن مزاولة القتال وما يقتضيه ذلك من قدرة على الحركة والسعي وسرعة التنقل .أما إن كان عرجه هينا بسيطا لا يعجزه عن المجاهدة فلا يعذر في ترك الجهاد .وفي معنى الأعرج ،الأقطع وهو المقطوع اليد .وكذلك المقعد وهو أولى بالعذر .
ثم المريض الذي لا يستطيع الكر والفر وسرعة الحركة والتنقل ولا يقدر على ملاقاة العدو بالضرب والطعن ونحوهما لما به من مرض .أما إن كان مرضه هينا كالسعال أو الصداع الخفيف أو نحو ذلك مما لا يعجز صاحبه عن الجهاد فليس بمعذور .
قوله:{ومن يطع الله ورسوله يدخله جنات تجري من تحتها الأنهار} يرغب الله المؤمنين في قتال المشركين الظالمين الذين يجحدون آيات الله ،ويصدون الناس عن دين الإسلام .والمعنى: من يطع الله ورسوله في الدعوة إلى جهاد المشركين وإلى القتال في صفوف المؤمنين دفعا لشرور الظالمين وفتنتهم ،وابتغاء مرضاة الله وسعيا لإعلاء كلمة الإسلام ،أولئك يجزيهم ربهم خير الجزاء يوم القيامة حيث النعيم المقيم في جنات تجري من تحتها الأنهار{ومن يتول يعذبه عذابا أليما} من يعرض عن طاعة الله ورسوله فيتخلف عن الجهاد مع المؤمنين فلسوف يبوء بعذاب الذل والخزي في الدنيا ،وبالعذاب الوجيع في الآخرة{[4261]} .