للجهاد شروط لجهة نوعية الأشخاص المكلّفين به ،والأشخاص المعذورين فيه ،فلا بد من أن يكون الشخص المجاهد قادراً على الحركة بحرية ويملك ما تحتاجه الحرب من إمكاناتٍ طبيعيةٍ ،فليس من الطبيعيّ أن يكلّف بالجهاد أشخاص لا يملكون البصر أو المقدرة الجسدية على التحرك ،أو على المشي باستقامة ،ولكن ليس معنى ذلك أن لا يكلف أمثال هؤلاء بمهماتٍ جهاديةٍ تتوافق مع إمكاناتهم الجسدية في ما يمكن أن يعطيه العميان والمرضى والعرج من خدمات .
{لَّيْسَ عَلَى الأعْمَى حَرَجٌ} لأنه لا يستطيع أن يبصر طريقه في ساحةٍ تحتاج إلى التحديق بكل زواياها ،وبكل الأعداء الذين يواجهونه في المعركة ،{وَلاَ عَلَى الأعْرَجِ حَرَجٌ وَلاَ عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ} لأنه لا يقدر على الحركة الدائبة هنا وهناك التي تحتاج إلى كل عضوٍ من أعضاء جسمه ،وإلى كل جهازٍ من أجهزته ،ما يجعل الخلل الصحِّي في أيّ من أعضاء الجسم مانعاً يعيق الحركة ،ويمنع من الانطلاق .
وهكذا يمكن أن يمتد رفع الحرج عن كل ذوي العاهات التي تعيق قيامهم بهذا الفرض الشرعي ،بحيث تجعل الجهاد أمراً شاقّاً عليهم في جميع الحالات .
{وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ} في ما يفرضه الله من الجهاد وغيره{يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأنْهَارُ} على أساس الثواب الذي أعدَّه الله للمطيعين له ولرسوله{وَمَن يَتَوَلَّ} ويعرض عن خط الطاعة{يُعَذّبْهُ عَذَاباً أَلِيماً} .