قوله تعالى:{إن الذين ينادونك من وراء الحجرات أكثرهم لا يعقلون 4 ولو أنهم صبروا حتى تخرج إليهم لكان خيرا لهم والله غفور رحيم} .
ذلك تنديد من الله بأولئك الأجلاف الذين ينادون النبي صلى الله عليه وسلم من وراء الحجرات وهي بيوت نسائه ،وذلك في غلظة مستهجنة ما ينبغي أن تصدر عن مؤمنين كرام ولا يليق أن ينادي بها سيد الثقلين والأنام صلى الله عليه وسلم .وقد روى في سبب نزول الآية عن زيد بن أرقم رضي الله عنه قال: أتى ناسالنبي صلى الله عليه وسلم فجعلوا ينادونه وهو في الحجرة: يامحمد يا محمد .فأنزل الله الآية .
وذكر أنها نزلت في جفاة بني تميم ،إذ قدم وفد منهم على النبي صلى الله عليه وسلم فدخلوا المسجد فنادوا النبي صلى الله عليه وسلم من وراء حجرته أن اخرج إلينا يا محمد فإن مدحنا زين وإن ذمنا شين .فآذى ذلك من صياحهم النبي صلى الله عليه وسلم فخرج إليهم ،فقالوا: جئناك يا محمد نفاخرك ،ونزل فيهم قوله:{إن الذين ينادونك من وراء الحجرات} وكان فيهم الأقرع بن حابس وعيينة بن حصن والزبرقان بن بدر وقيس بن عاصم{[4283]} .
و{الحجرات} جمع حجرة وهي البيت أو الغرفة{[4284]} وفي هذه الآية يخاطب الله نبيه صلى الله عليه وسلم مبينا له أن هؤلاء الغلاظ الأجلاف الذين ينادونك من وراء البيوت من غير أدب ولا توقير ولا تواضع{أكثرهم لا يعقلون} يعني أكثرهم جاهلون بدين الله لغلبة السفاهة والجفاء على عقولهم وقلوبهم .