/م1
المفردات:
من وراء الحجرات: من خارجها ،سواء كان من خلفها ،أو من قدامها ،ويرى بعض أهل اللغة أن كلمة: وراء من الأضداد ،فتطلق تارة على ما أمامك ،وأخرى على ما خلفك ،والحجرات ( بضم الجيم وفتحها وتسكينها ) واحدها حُجْرة ،وهي القطعة من الأرض المحجورة ،أي الممنوعة من الدخول فيها بحائط ونحوه ،والمراد بها: حجرات نسائه صلى الله عليه وسلم ،وكانت تسعا ،لكل منهن حجرة من جريد النخل على أبوابها المسوح من شعر أسود ،وكانت غير مرتفعة يتناول سقفها باليد ،وقد أدخلت في عهد الوليد بن عبد الملك بأمره في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم ،فبكى الناس لذلك ،وكانت الحجرات في غاية البساطة .
التفسير:
4-{إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِنْ وَرَاءِ الْحُجُرَاتِ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ} .
كان من عادة رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ينام القائلة -منتصف النهار- فجاء وفد من أعراب بني تميم فنزلوا في المسجد ،وأخذوا ينادونه من خلف حجرات نسائه ،ويقولون: اخرج إلينا يا محمد ،فإن مدحنا زين ،وذمنا شين .
والحجرات جمع حجرة ،وهي الرقعة من الأرض المحجورة بحائط يحيط بها .
وفي رواية عن زيد بن أرقم قال: أتى أناس النبي صلى الله عليه وسلم ،فقال بعضهم لبعض: انطلقوا بنا إلى هذا الرجل ،فإن يك نبيا فنحن أسعد الناس بإتباعه ،وإن يك ملكا نعش في جنابه ،فأتوا النبي صلى الله عليه وسلم فجعلوا ينادونه: يا محمد ،يا محمد .
وهناك روايات أخرى في سبب النزول ،وتلتقي الروايات على أن جماعة من جفاة الأعراب ،نادوا رسول الله صلى الله عليه وسلم وقت راحته في حجرته ،ولم يصبروا إلى وقت خروجه للصلاة ،حتى يوفروا له الراحة .
وقد وصفهم القرآن بهذه الآية ومعناها: إن الذين نادوا عليك من وراء حجرات نسائك بأسلوب فيه جلافة الأعراب ،{أكثرهم لا يعقلون} ،أي: لا يفهمون أصول الأدب واللياقة .
ولعل طائفة منهم لم ترض عن هذا الفعل ،فاستثناها القرآن ،لبيان أن أقلهم أصحاب عقل وحكمة ،وأحيانا يعبر بالأكثر عن الكل .