/م1
التفسير:
5-{وَلَوْ أَنَّهُمْ صَبَرُوا حَتَّى تَخْرُجَ إِلَيْهِمْ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} .
هذا أدب الإسلام ،في الحث على إكرام الكبراء والعلماء ،وعدم إزعاجهم ،والانتظار حتى يخرج العظيم من بيته ،ثم يتفرغ لهم ،بمعنى أنه لو خرج وشغل بأمر آخر ،وجب الانتظار حتى يكون خروجه إليهم ،ويتوجه بوجهه لهم ،أو يتفرغ لشأنهم .
يحكى عن أبي عبيد -العالم الزاهد الثقة- أنه قال: ما دققت باب عالم قط ،حتى يخرج في وقت خروجه .
ومعنى الآية:
ولو أن هؤلاء الذين ينادونك من وراء الحجرات ،صبروا ولم ينادوك حتى يخرج إليهم ،لكان ذلك أفضل لهم ،وأنسب وأزكى وأطهر .
ثم فتح الله لهم باب التوبة فقال:
{والله غفور رحيم} .لمن تاب منهم عن معصيته ،وندم على ندائه ،وراجع أمر الله في ذلك وفي غيره ،فالله غفور رحيم به ،أن يعاقبه على ذنبه ذلك بعد أن تاب عنه .
والخلاصة:
إن الله سبحانه وتعالى استهجن الصياح برسول الله صلى الله عليه وسلم ،في حال خلوته من وراء الجدران ،كما يصاح بأهون الناس قدرا ،لينبه إلى فظاعة ما جسروا عليه ،وليرشد إلى أدب الإسلام في تخير الوقت المناسب للزيارة ،وأدب الطَّرْق الخفيف على باب المنزل ،أو استعمال الجرس استعمالا خفيفا ،لا يزعج أهل المنزل ،وعدم الوقوف أمام الباب بل على جانب منه ،وعدم النظر إلى المنزل عند فتح الباب ،ثم السلام على صاحب المنزل عند ظهوره .
قال تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ( 27 ) فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فِيهَا أَحَدًا فَلَا تَدْخُلُوهَا حَتَّى يُؤْذَنَ لَكُمْ وَإِنْ قِيلَ لَكُمُ ارْجِعُوا فَارْجِعُوا هُوَ أَزْكَى لَكُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ ( 28 )} .( النور: 27 ،28 ) .