قوله:{وجاءت سكرة الموت بالحق}{سكرة الموت} أي غمرته وشدته وما يغشى المرء من فظاعة الكرب إذا أتته الملائكة لانتزاع روحه .وحينئذ يظهر له اليقين وينكشف له الحق الذي كان يماري فيه .وهو وعد الله ووعيده .
قوله:{ذلك ما كنت منه تحيد} يقال للمرء إذا غشيه الموت بسكراته الفظيعة: ذلك الذي كنت تعدل عنه وتفرّ منه ولا تعبأ به .فها هو قد جاءك فلا مناص عنه ولا محيد .وقيل:{ما} نافية ،أي ذلك ما لا يستطيع مجانبته والحيدة عنه .
فهذه هي غمرة الموت بشدتها وفظاعتها تغشى الناس عند الاحتضار فتذهب بالعقول وتثير الهول والذهول .ويكشف عن هذه الحقيقة الرهيبة ما ثبت في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه لما تغشاه الموت جعل يمسح العرق عن وجهه ويقول"سبحان الله ،إن للموت سكرات ".