قوله:{قل فلله الحجة البلغة} الفاء مقترنة بجواب شرط محذوف .أي إذا ظهر أنه لا حجة لكم فلله الحجة البالغة .والمراد بالحجة هنا: كتاب الله الحكيم ورسوله الأمين ومعجزاته المسخرة للنبيين لتكون آية للعالمين والبالغة ،أي الواضحة ،والكاملة المتانة والقوة بما يقطع كل عذر لكل محتج .
قوله:{فلو شاء لهدكم أجمعين} الله قادر أن يجعل الناس كلهم مؤمنين .قادر أن يخلق بني آدم على طبيعة لا تعرف غير الهدى ،فلا تميل للشر ولا تجنح للضلال البتة .قادر أن يجعل الإنسان على هذه الكيفية من التخلق ،لكنه سبحانه شاء أن يجعله على غير هذه الخلقة الرفافة المثلى .فقد جعله حافلا بحوافز الفضائل وحوافز الشهوات ،فهو بذلك مستجيب لنداء الهداية مثلما هو مستجيب لنداء الضلال ،وذلك مستجيب لنداء الضلال ،وذلك بما بث في كينونته من استعداد ذاتي مفطور لفعل كل من الخير والشر .فهو إذا ما مضى في طريق الهداية فقد اهتدى وأعانه الله على الخير وفعله .وإذا ما اختار أن يسلك طريق الباطل مكن الله له فعل ذلك بما أوتيه من استعداد جبل عليه في الأصل .وفي كل حال من الأحول أو خيار من خيارات الإنسان إنما يكون ذلك محوطا بقدرة الله وسلطانه .فهو مهما اختار أو فعل ،وأنى سار أو توجه إنما هو سادر في قدر الله ومن خلال إرادته المطلقة التي لا تعرف القيود أو الحدود .